الهيدروجين: هل هو الحل لتحدي تزويد العالم بالطاقة النظيفة؟

قبل ما يقارب العشرين سنة، عرض بروفيسور ريتشارد سمولي (Richard Smalley) الذي كان محاضرًا في جامعة رايس الأمريكية والحائز على جائزة نوبل للكيمياء لسنة 1996، أهم عشرة تحديات تواجه البشرية خلال الخمسين سنة القادمة[1]. وقد تربع موضوع الطاقة على رأس القائمة وتلاه موضوع الماء من حيث الأهمية. فالطاقة والماء، إذاً، هما الموضوعان الأساس في قائمة التحديات التي تواجه البشرية، بحسب سمولي. وهنا يتداخل موضوع الحاجة إلى مصادر طاقة بشكل عام، من جهة، مع تلبية الحاجة في مجاليّ البيئة والاستدامة، من جهة أخرى، بحيث تكون هذه الطاقة نظيفة وبأقل ما يمكن من انبعاثات لغازات ضارة ومسببة للاحتباس الحراري خلال إنتاج المصدر أو استخدامه لإنتاج الطاقة منه. وقد ازدادت هذه الحاجة بشكل متسارع مؤخرًا، خصوصًا في السنوات الأخيرة، نظرًا لسيطرة بعض الدول على مصادر الطاقة واستغلالها هذه المصادر لفرض واقع سياسي واقتصادي معين. كما ازدادت حدة التحدي لإيجاد حلول سريعة مؤخرًا، وبشكل ملحوظ، على خلفية الحرب الروسية – الأوكرانية والحرب على سوريا. 

“البحث عن حلول ومصادر طاقة نظيفة تعدى الهاجس المرتبط بالبيئة والعلاقة بالاستدامة والمحافظة على مصادر الطبيعة للأجيال القادمة وأصبح هاجسًا اقتصاديًا وسياسيًا بامتياز. والهاجس الاقتصادي والسياسي ليس بجديد. فمنذ الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا في الفترة ما بين الحربين العالميتين، سعت ألمانيا إلى تطوير تقنيات تعتمد التفاعلات الكيميائية لإنتاج مصادر بديلة للمصادر الطبيعية الأحفورية[2] وذلك لافتقارها لهذه المصادر أولاً، ثم بحثًا عن الاستقلالية الاقتصادية والتقليل من الاعتماد على دول أخرى، ثانياً. وكان ذلك بسبب التخوف من وقف الإمدادات النفطية والغاز الطبيعي، كما هو حاصل الآن مع الإمدادات من روسيا إلى دول أوروبا الغربية، وخاصة ألمانيا المعتمدة بشكل كبير على هذه الإمدادات، لا سيما بعد قرارها بتوقيف المنشآت النووية لإنتاج الطاقة عن العمل. فكان تطوير تفاعلات فيشر- تروپش (Fischer-Tropsch) في الربع الأول من القرن الماضي (بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة) دليلًا على جدية البحث عن بدائل لمصادر الطاقة الأحفورية. ولم يكن الموضوع البيئي وقتها، ولا قضية الاستدامة، ضمن اعتبارات متخذي القرارات والمؤسسات البحثية والعلمية. فقد قام عالما الكيمياء الألمانيان Franz Fischer وHanz Tropsch  بتطوير مجموعة من التفاعلات الكيميائينة التي سميت لاحقًا بتفاعلات Fischer-Tropsch (F-T) لإنتاج مركبات هيدروكربونية من تفاعل بين الهيدروجين وأول أكسيد الكربون (لاحقا طُورت مع ثاني  أكسيد الكربون) تحت شروط ضغط ودرجة حرارة عاليين، بحيث تصل الأخيرة إلى 150-300 درجة مئوية، بالإضافة الى مسرّعات معدنية مثل الحديد أو الكوبالت. ويتم تحديد المركب الناتج (ميثانول، ميثان، ديزل، أمونيا، مواد أخرى…) بتغيير النسبة بين الجزيئين المتفاعلين والشروط الفيزيائية للتفاعل. وقد سُجل ذلك الإنجاز كبراءة اختراع في سنة 1925، لكن هذه التفاعلات بقيت غير تنافسية مع النفط ومصادر الطاقة الأحفورية، بسبب تكلفتها المرتفعة. “

للمقال الكامل اضغطوا هنا